26 - 06 - 2024

عظّم شهداءك الأقباط | عدد من أروع أبطال حرب أكتوبر المنسيين في المناهج وعلى الشاشات

عظّم شهداءك الأقباط | عدد من أروع أبطال حرب أكتوبر المنسيين في المناهج  وعلى الشاشات

أول ضابط استشهد كان قبطيا .. وهذه صفحات مجد كتبوها من قائد الجيش الثاني إلى المجند شنوده راغب الذي حمل قائده المصاب وواجه ثلاث دبابات للعدو
اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل: دخلت في مواجهة مع 4 طائرات إسرائيلية فوق بورسعيد


اختلطت دماء الشهداء مسلمين وأقباطا على أرض مصر في حروبها، فمصر مهجة أرواح من يعيش أرضها مهما اختلفت عقائدهم ، للجميع ظلت وطنا لفؤادهم، العشرات من أسماء الأبطال الحاصلين على تصنيف "مسيحي" في خانة الديانة ببطاقاتهم الشخصية، قاتلوا وعبروا وضحوا واستشهدوا وصاروا نماذج يحتذي بها المسلم قبل المسيحي
كان أول ضابط استشهد في حرب أكتوبر 1973 مسيحيا، وكان قائد الجيش الثاني مسيحيا أيضا، بطولات سجلها التاريخ وتضحيات قدمها الشهداء، وأجيال واصلت المشوار 

في حرب أكتوبر، كتبت القوات المسلحة ملحمة بطولية لمصر كلها، وظل هذا اليوم مصدر فخر للمصريين مسيحيين ومسلمين، الذين تكاتفوا لمقاومة العدو، ليكون عيدًا لهم.
مع نشوب الحرب أصدر الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، بيانا باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لدعم الجيش المصري وتحفيز جنوده للدفاع عن أرض سيناء، حيث زار الجبهة مرتين، قاد خلالها حملة تبرعات، كما تم في ذلك الوقت تكليف الأنبا صموئيل أسقف الخدمات بتسليم ما تم جمعه إلى قيادة الجيش، وواصل الأسقف جولاته بين الأقباط في المهجر لدعم الموقف المصري في المحافل الدولية وجمع التبرعات للمجهود الحربي، وأقيمت قداسات الصلاة في جميع كنائس مصر.


يقول اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل، أحد أبطال حرب أكتوبر: كنت أعمل في مطار المنصورة طياراً مقاتلاً، وكان هناك إعداد وتدريب كبير جداً قبل الحرب، وفي 5 أكتوبر، أي اليوم السابق للحرب، تم تجهيز جميع الطائرات المقاتلة بثلاثة خزانات وقود وصواريخ وذخيرة مدفع، كان هناك سربان وكانا محملين بالكامل بالذخيرة، في 6 أكتوبر الساعة 10 صباحًا، جمع القائد السربين وقال: سنقاتل اليوم الساعة 2 ظهرًا، ووزع المهام.

أضاف عزيز: كنت قائداً لما يسمى (سنجر) والذي يتكون من 4 طائرات مقاتلة، كانت وظيفتي هي حماية الطائرات التي تقاتل من الإسماعيلية إلى بورسعيد،  وارتفعت فوق القناة على ارتفاع 5 كيلومترات وقمت بعمل دوريات إلى أن ذهبت جميع الطائرات وضربت وعادت سالمة في اليوم الأول.

كانت هناك صعوبات ، فالعدو الإسرائيلي أقوى منا في الطيران والقاذفات، كان لديهم طائرات الفانتوم إف-4 والميراج الفرنسية، وكنا نملك طائرة (ميغ 21)، يمكن أن تبقى الفانتوم في الجو لمدة 4 ساعات وتحمل 9 أطنان من القنابل و6 إلى 8 صواريخ، أما الطائرات المصرية فيمكن أن تبقى في الجو لمدة ساعة وتحمل طنا من القنابل وصاروخين، العدو الإسرائيلي كان متقدما علينا في التكنولوجيا الحديثة والأجهزة والطائرات والمساعدات الملاحية، وتغلبنا عليه بمهارة الطيارين المصريين والروح القتالية لأننا كنا ندافع عن وطننا بحماس لايوصف.

نقطة القوة

كان الجندي المصري متعلماً، لأنه بعد هزيمة 1967 بدأت القوات المسلحة في تجنيد خريجي الجامعات، قبل عام 1967، كان جميع المجندين في الجيش من المزارعين والعمال وممن لا يعرفون القراءة والكتابة.

الطيار المقاتل في الجيش كان شجاعا، ورغم أن الخوف شعور إنساني طبيعي، إلا أن القوة كانت أننا تغلبنا على خوفنا، لأن الطيار المقاتل لو خاف يموت.

في بداية تخرجي تأثرت وبكيت وحزنت لعدة أيام، لكن بعد ذلك اكتشفت أن الطيارين المقاتلين أكثر عرضة للاستشهاد ونسبة الوفيات مرتفعة جداً لأنه سلاح خطير، كانت أربع طائرات تغادر، فتعود اثنتان فقط ، ونعرف أن البقية استشهدوا،  فمع كثرة الحزن، أصبحنا أكثر صلابة، ومن عام 67 إلى 73 استشهد 42 طياراً أثناء التدريب فقط. 


التعامل مع المسيحيين في الجيش

يتابع اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل: عندما كنت في الخدمة لم يكن هناك فرق بين مسيحي و مسلم،  كانت المهارات الفردية من يميز واحدا عن الآخر، وكان من الصعب حدوث اضطهاد أو حجب لأحد، لقد كنت قدوة لزملائي لأنني كنت طياراً مقاتلاً جيداً وكان معنا مسيحيون (كنا ننال حقوقنا وأكثر) كان عددنا في القوات الجوية قليلًا، لكن قائد الجيش الثاني في مصر كان مسيحيًا وأول من استشهد كان رجلًا رتبة كبيرة في الجيش المصري وكان مسيحيًا.

ويختتم حديثه: ضربنا إسرائيل يوم 6 أكتوبر، وأرسلوا لنا طائرات يوم 7 أكتوبر، وقصفوا مطار المنصورة كضربة انتقامية، كنت أقف أمام الدشمه (مكان تختبئ فيه الطائرات) فأسقطوا قنبلة انفجرت بجانبي، و يوم 8 أكتوبر دخلت في اشتباك وكان معي شخص آخر على الجناح، ودخلنا في مواجهة 4 طائرات إسرائيلية فوق محافظة بورسعيد،  كانت إسرائيل تنصب لنا كميناً، وأصابت الطائرات زميلي واستشهد بجانبي قبل أن يدخل المعركة، واصبحت بمفردي.
لماذا لايذكرون المسيحيين؟

المؤرخ إبرام راجي، المتخصص في التاريخ الكنسي له رأي آخر ويقول: ما جعلني أهتم بأبطال أكتوبر وخاصة الأقباط هو أنه من خلال دراستي في المدرسة منذ بداية حياتي، وعندما كانت تأتي مناسبة أكتوبر، وكانت المدرسة والتلفزيون يحتفلون ويتذكرون من شاركوا في الحرب، وكنت أتساءل لماذا لم يذكر أي مسيحي شارك في الحرب، ألا يوجد مسيحي واحد شارك بين الآلاف؟
ويتابع: عندما بحثت في التاريخ القبطي، وجدت أن قائد الجيش الثاني كان مسيحيًا، وكان هناك أيضًا أبطال أطفال، منهم شاب يبلغ من العمر 16 عامًا قام بضرب عدد كبير من الدبابات. وعندما رأيت أنه لا أحد يهتم بإظهار بطولة الأقباط، قررت أن أتخصص في ذلك وأعمل في صحافة قبطية تتحدث عن هؤلاء الأبطال، وهناك عدد كبير من المسيحيين الذين شاركوا في الحرب، ومنهم من حصل على نجمة سيناء. كما حصلوا على العديد من الشهادات وتم تكريمهم، ولكن للأسف لم يذكرهم أي كتاب مدرسي، ومن حق الطالب القبطي أن يفخر بأجداده الأبطال، مثله مثل صديقه المسلم، فـالمسيحي جزء من الدولة وله تاريخ مع أخيه المسلم.

ويضيف: أول ضابط استشهد في حرب أكتوبر كان مسيحيا، وهذا أمر يتم تجاهله في التعليم المصري. يجب أن نعمل على خلق المساواة لأنه لا يوجد فرق بين المسيحي والمسلم،

و قد يتصور البعض أن المسلم يقاتل والمسيحي يدفع الجزية، وهذا غير صحيح، إن مقولة "ابق حيث أنت وسأدافع عنك مرفوضة"، و هناك إهمال متعمد لذكر بطولات الأقباط في الكتب المدرسية.

فؤاد عزيز غالي

اللواء فؤاد عزيز غالي، قائد الجيش الثاني أثناء الحرب ومحرر القنطرة، يظهر في صورة وعن يمينه المشير الجمسي، وعن اليسار المشير أحمد بدوي، وذكر المشير الجمسي عن اللواء فؤاد عزيز ، ان الفرقة 18 مشاة تمكنت بقيادته من تحرير مدينة القنطرة بعد محاصرتها داخلياً وخارجياً ومن ثم اقتحامها. 

ووجه اللواء فؤاد للقتال في شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت قوات العدو واستولت الفرقة على كمية من أسلحته ومعداته،  وكان بينها عدد من الدبابات، وتم أسر ثلاثين فرداً، مما كان له الأثر الطيب في نفوس الجميع. وحافظ البطل الفريق فؤاد عزيز غالي على انتصاراته طوال الحرب، كما قام بتأمين المنطقة الواقعة شمال القناة من القنطرة إلى بورسعيد في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المضادة، ومن أقوال قداسة البابا شنودة أنه كان هناك جيش ثان وجيش ثالث يقاتلان أحدهما يقوده أحمد بدوي مسلم، والآخر يقوده فؤاد عزيز غالي مسيحي ويرفرف فوقهما العلم المصري.
كذلك النقيب أحتياط ميشيل عطالله مينا، قائد السرية الثانية من كتيبة الدفاع الجوي 601 كان أول من عبر مع رفاقه إلى سيناء في السادس من أكتوبر و حصل على وسام الشجاعة في حرب أكتوبر. 

وأيضا الشهيد صبحي أثناسيوس عبد الملك حنس ولد عام 1949 في قرية دير أبو حنس بالمنيا ،  وكان والده يعمل نائبا لشيخ البلدة، والتحق بالخدمة العسكرية عام 1970 ثم انضم إلى الصاعقة، استشهد في ميدان التضحية والشرف يوم السبت 6 أكتوبر 1973، وقدمت لوالده شهادة تكريم، وسمي شارع في القرية باسمه.

- الشهيد سدراك فهمي سدراك من مواليد عام 1949 في قرية دير أبو حنس من عائلة كراديش، و التحق بالقوات المسلحة والقوات البحرية، و استشهد مع جنود القوات البحرية في قناة السويس يوم السبت 6 أكتوبر.

- الشهيد شوقي زكي فرج نخلة، ولد عام 1946 في قرية دير أبو حنس من عائلة الديابة، و التحق بالخدمة العسكرية في الفرقة السادسة لواء 22 دهشور،  استشهد يوم الاثنين 22 أكتوبر، ونعاه وزير الحربية وأرسل لوالده شهادة عزة وتكريم.

- اللواء فؤاد صالح زكي، رئيس هيئة التفتيش للقوات المسلحة، قائد لواء المشاة الثامن في حرب أكتوبر،  أحد القادة العسكريين الذين كان لهم دور بارز في المواجهة العسكرية مع الجيش الإسرائيلي يوم 6 أكتوبر، وكان أحد صناع النصر الكبير الذي حققته قواتنا المسلحة، تم تكليفه باقتحام قناة السويس، وتدمير نقاط قوة العدو، والاستيلاء على خطوط شرق القناة للاستعداد لصد هجمات العدو، في واحدة من أخطر المواجهات العسكرية في تاريخ الحروب، قتل الجنرال الإسرائيلي أبراهام مندرال، قائد المدرعات في الجيش الإسرائيلي، وكانت شجاعته وكفاءته هي ما دفع قيادة الجيش إلى تعيينه قائداً للواء المشاة الثامن، ولبطولته أصبح اللواء فؤاد رئيس أركان الجيش الثالث بعد انتصار أكتوبر.


اللواء شفيق متري .. أول ضابط شهيد

- اللواء شفيق متري سدراك الضابط الشهيد الأول، شارك في ثلاث حروب: حرب 1956، وحرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر، كان قائداً لواء المشاة الأول الذي عبر خط بارليف في 6 أكتوبر، ودخل إلى عمق 14 كيلومتراً، وخاض أروع المعارك الهجومية، حيث واجه لمدة أربعة أيام، موجات من الهجوم الإسرائيلي حتى أصيبت سيارته بقذيفة مدفع، مما أدى إلى استشهاده و ارتواء أرض سيناء بدمائه مع خمسة أبطال، فهو أول ضابط يستشهد في حرب أكتوبر، وأول بطل كرم الرئيس أنور السادات اسمه في الدورة التاريخية لمجلس الشعب، والذي أطلق اسمه على الدفعة العسكرية 75، وأول من تسلم اسمه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى وهو أعلى وسام عسكري تكريما لمسيرته العسكرية وكفاءته القتالية.

- النقيب المهندس مجدي حنا، أحد أبطال سلاح المهندسين في حرب أكتوبر، خدم في كتيبة الكباري بمنطقة الدفرسوار، وقام بعمل بطولي عندما حاصر الإسرائيليون هذه المنطقة في بداية الثغرة. 

وأمروا بالذهاب إلى الإسماعيلية بالمعدات التي بحوزتهم، استخدم اللانش في نقل المعدات من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية لسرعة نقلها وإنقاذها، وفعل، رغم أن ذلك جعله هدفاً سهلاً للطائرات الإسرائيلية وذهبت باقي الكتيبة آمنة براً.

-  المقاتل محروس رزق الله عطا الله، صائد الدبابات، استطاع بمفرده تدمير 13 دبابة في حرب أكتوبر، أحد أبطال المظلات في حرب أكتوبر الكتيبة 645، وهو ثاني جندي في الجيش المصري يتولي مهمة تدمير عدد كبير من دبابات العدو بعد البطل عبد العاطي صائد الدبابات، وفاز بوسام الجمهورية وعدد من الأوسمة وشهادات التقدير.

-  الرائد نعيم فني لوقا عطا الله، أحد أبطال الخدمات الأرضية بالقوات الجوية، من مواليد عام 1930، عاش كل الحروب التي خاضتها مصر في العصر الحديث، من العدوان الثلاثي، حرب اليمن، حرب 1967،  وحرب الاستنزاف حتى انتصار أكتوبر 1973،  خدم في بداية حياته المهنية بالكلية الجوية على الطائرة الجمهورية، ثم خدم في مطارات بلبيس وانشاص وإمبابة والمنيا ومرسى مطروح، ثم أصبح رئيسًا لشؤون الموظفين، خدم في المطارات 33 عاماً، وتم احتساب 50 عاماً خلال سنوات الحرب وبعد خروجه للخدمة في القوات الجوية، وفي عام 1982 رُسم كاهنًا بكنيسة السيدة العذراء بملوي بالمنيا باسم القس صموئيل، ليستمر في خدمة أهل بلده حتي تنيح.

- شنودة راغب، بطل الشط، وبطل الصاعقة، كان أحد شهداء حرب أكتوبر، حمل قائده المصاب وواجه ثلاث دبابات فاستشهدا معًا. وكان في مقدمة الأبطال الذين اقتحموا قناة السويس مع الرائد غريب عبد التواب، وطئت أقدامهم الشاطئ الشرقي للقناة معًا، وصعدوا الساتر الترابي للمشاركة في رفع العلم المصري على الضفة الشرقية للقناة، أصيب برصاص رشاش العدو الإسرائيلي وتمسك بسلاحه وحياته عندما ظهرت ثلاث دبابات للعدو، وأصر شنودة راغب على تدميرها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يحمل قائده المصاب الرائد غريب عبد التواب، واستمر في مواجهة الدبابات حتى مات وهو يحمل سلاحه ويحاول إنقاذ قائده ، حتى استشهدا معًا.

- العميد  مجدي بشارة قليني، أحد أبطال حرب أكتوبر، قائد الفوج 63 مضاد مدفعية في حرب الاستنزاف، قائد معركة الجزيرة الخضراء، وقائد الكتيبة 572 صواريخ  دفاع جوي سام 3.
-------------------------------
تحقيق - مادونا شوقي
من المشهد الأسبوعية








اعلان